تونس (رويترز) – في بازار سياحي في المدينة القديمة بالعاصمة تونس، حيث الأوشحة المطرزة والأواني الفخارية والحلي تبرز من واجهات المحال في الأزقة الضيقة، لا يتجول إلا القليل من المارة بما يعكس الانتكاسات التي حلت على قطاع السياحة الحيوي في تونس لسنوات.
ويسلط غياب حركة البيع والشراء الضوء على الركود الاقتصادي الذي أثار حفيظة الكثير من التونسيين بشأن الديمقراطية ومهد السبيل لأسوأ أزمة سياسية تشهدها البلاد منذ الانتفاضة التي أطاحت بزين العابدين بن علي قبل عشر سنوات.
ويرى منذر، وهو صاحب أحد المتاجر الصغيرة ويجلس على مقعد محاطا بمرايا مزخرفة بزخارف متشابكة، أن بداية المشكلات الاقتصادية يعود لوقت قيام ثورة 2011 التي أطلقت شرارة ما يعرف باسم الربيع العربي.
ويقول منذر « من بعد الثورة ديما ماشية من سيء لأسوأ… السياحة بها الوقت من العام كان السوق مليان زائرين.. الآن العكس ».
وأدت الآن جائحة كوفيد-19 إلى تفاقم المشكلات الاقتصادية فالأمر يفسر جزئيا لماذا ساند الكثير من التونسيين قرار الرئيس قيس سعيد تعليق عمل البرلمان وإقالة رئيس الوزراء يوم الأحد. وحثت واشنطن الرئيس على الالتزام بالمبادئ الديمقراطية.
لكن تونسيين كثيرين أيضا نزلوا إلى الشوارع لإظهار الدعم لما وصفه الرئيس بأنه محاولة لإنقاذ بلد يتهاوى بما يعكس الغضب من المحنة الاقتصادية والشلل السياسي.
ومنذ انتفاضة 2011، تعرضت السياحة في تونس، التي أسهمت يوما فيما يقارب عشر الناتج القومي المحلي في البلاد، للعديد من الضربات.
في البداية جاء أثر الانتفاضة ذاتها وما تلاها من اضطرابات، مما جعل الزوار والسائحين الراغبين في قضاء العطلات يحجمون عن الوجهة التي كانت تتمتع بإقبال كبير بشواطئها على البحر المتوسط والمقاصد السياحية ذات الثقافة العربية والإسلامية وآثار قرطاج العتيقة.
ثم في 2015، استهدفت هجمات شنها إسلاميون متشددون السياح الأجانب بشكل مباشر، إذ قتل تنظيم الدولة الإسلامية 22 شخصا في متحف وقتل مسلح منفرد 38 آخرين في شاطئ.
وفي 2019، بدا أن تونس تستعيد مكانتها واجتذبت رقما قياسيا من الزوار بلغ 9.5 مليون سائح لكن الجائحة قضت على آمال الانتعاش وتراجع العدد بنسبة 78 بالمئة من 2020.
بالنسبة لمنتقدي الحكومة التونسية، لخص تعاملها مع الجائحة إخفاقاتها الأوسع نطاقا. وأمر سعيد الجيش، قبل قرار تعليق عمل البرلمان، بأن يتولى إدارة الأزمة الصحية.
يؤيد عبد الستار مسعودي، الذي يمتلك متجرا صغيرا لمنتجات الحرف اليدوية في السوق التقليدية، الخطوات التي اتخذها سعيد ويقول إن صبر التونسيين نفد.
وأضاف قائلا « بعد عشر سنوات، ظل الناس صابرين حتى هذا الانفجار.. وكان متوقعا. بالنسبة لي، توقعت ذلك وأعتقد أنه تأخر قليلا حتى ».
والرئيس قيس سعيد، وهو سياسي مستقل انتخب في 2019، على خلاف حاد مع رئيس الوزراء هشام المشيشي والأحزاب الرئيسية في البرلمان المنقسم التي اتهمته بانتهاك الدستور.
ويشير محمد رزجوي الذي يبيع الحلي في البازار إلى أنه مل وتعب من الخلافات السياسية وقال « يجب أن ندعم بلادنا.. ليس بتقسيم الناس وفقا للانتماء السياسي، كلنا تونسيون ».
(إعداد سلمى نجم للنشرة العربية – تحرير أحمد صبحي)