نشرت القاضية المتقاعدة كلثـوم كنو تدوينه على حسابها في مواقع الاتصال الاجتماعي تقول فيه أنه يجب على التونسيون اليقظة وعدم آلانصياع وراء الخوف.
وأضافت : شارل ديقول انتخبه البرلمان الفرنسي رئيسا للجمهورية و في سنة 1962 ثم قام بعدها بحل البرلمان إلي انتخبه وقرر اجراء استفتاء لتعديل الدستور، وتم تعديل الدستور. فهل عاشت فرنسا بعد ذلك دكتاتورية ؟
وأضافت قائلة:” وإلا إنسان بإمكانه أن يفرض علينا نظام دكتاتوري لا الرئيس قيس سعيد ولا غيره. “
وتواصل القول بمعنى أنها تثق في الرئيس إلى أن يحط بنا في شاطئ الأمان بدستور مثالي على غرار ما فعله الرئيس الفرنسي سنة 1958.
وكان الرئيس قيس سعيد قد لمح في عديد المناسبات توجهه نحو هذا الخِيار الدستوري، ثم أن كل الخطوات التي قام بها حتى اليوم تؤكد أتجاهه في هذا الطريق.
وقد نشر أمين محفوظ، الأستاذ في القانون الدستوري, أحدى المقربين للرئيس قيس سعيد, أن تونس سوف تتجه نحو ديمقراطية حقيقية لا تلك التي اقتبسها تجار الدين, حسب قوله.
كل هذه الأحداث تدرس في الكليات الحقوقية و في فهارس الدساتير للديمقرطيات الحديثة. ويمثل الدستور الفرنسي الذي اقتبسه وزير العدل المكلف آنذاك ميشيل دوبريه, وكان تعبيرا لإرادة الجنرال في نظام يعطي أكثر صلاحيات لرئيس الدولة ويمكنه من التخطيط والتقدم إلى الأمام دون تعطيل من السلطة التشريعية والأحزاب, من أحسن الدساتير في العالم الحر.
ولقي ديقول آنذاك معارضة من الأحزاب الحاكمة التي كانت مسؤولة علي تردي الأوضاع ألاجتماعية والسياسية في فرنسا آنذاك، حيث عرفت البلاد من سنة 1946 إلى 1958 ست عشرة حكومة. وضعية شبيهة نوعا ما لبلادنا من جانفي 2011 إلى اليوم.
وشكلت أزمة مستعمرة الجزائر عام 1958 شرارة انهيار الجمهورية الرابعة. كانت فرنسا ما تزال قوة استعمارية في ذلك الوقت، على الرغم من أن الثورات قد بدأت في عملية إنهاء استعمارها.
وكان غرب أفريقيا الفرنسي والهند الصينية الفرنسية والجزائر الفرنسية ترسل ممثلين إلى البرلمان بموجب أنظمة الاقتراع المحدود في الاتحاد الفرنسي.
و على الرغم من كونها مستعمرة تضم أكبر عدد من السكان الفرنسيين، شهدت الجزائر ضغوطًا متزايدةً للانفصال عن متروبوليتان فرنسا.
وازداد الموقف تعقيدًا بسبب المستوطنين الأوروبيين والعديد من اليهود الأصليين، الذين أرادوا الإبقاء على الاتحاد مع فرنسا، لذلك لم تكن الحرب مجرد حركة انفصالية بل كانت تضم أيضًا جوانب حرب أهلية.
وتعقد الوضع أكثر عندما تمرد قسم من الجيش الفرنسي ودعم علنًا حركة الجزائر الفرنسية.
وضع شارل ديغول، الذي تقاعد من السياسة قبل عقد من الزمن، نفسه في خضم الأزمة، ودعا إلى تعليق ووقف أداء الحكومة وإنشاء نظام دستوري جديد.
وصل ديغول إلى السلطة بسبب عدم قدرة البرلمان على اختيار الحكومة، والاحتجاج الشعبي، وتصويت آخر برلمان للجمهورية الرابعة على حلها وعقد مؤتمر دستوري.
وعانت الجمهورية الرابعة من غياب الإجماع السياسي، وضعف السلطة التنفيذية، وتشكيل الحكومات وسقوطها في تتابع سريع حتى عام 1958.
وفي غياب أي حزب أو ائتلاف قادر على دعم الأغلبية البرلمانية، وجد رؤساء الوزراء أنفسهم غير قادرين على المجازفة بموقفهم السياسي من خلال شن إصلاحات غير مألوفة أو شائعة.
واقترح ديغول وأنصاره نظام الرؤساء الأقوياء المنتخبين لمدة سبع سنوات، ويكون للرئيس، بموجب الدستور المقترح، سلطات تنفيذية أوسع لإدارة البلاد بالتشاور مع رئيس الوزراء الذي سيعينه.
وفي 1 يونيو 1958، عُيِّن ديغول رئيسًا للحكومة ومنح له قانون الحكم بمرسوم لمدة تصل إلى ستة أشهر، باستثناء بعض الأمور المتعلقة بالحقوق الأساسية للمواطنين.
وافق على هذه الإجراءات والخطط أكثر من 80% ممن صوتوا في استفتاء 28 سبتمبر 1958، ووقع على الدستور الجديد ليصبح إلزاميًا بتاريخ 4 أكتوبر عام 1958، الأمر الذي مثل انتقال فرنسا من الجمهورية الرابعة إلى الجمهورية الخامسة.
و في 21 ديسمبر 1958، انتخبت هيئة انتخابية شارل ديغول رئيسًا للجمهوريّة، وأعلنت اللجنة الدستورية المؤقتة، التي تعمل بدلًا من المجلس الدستوري.
ويعتبر الدستور الفرنسي من أعرق وأحسن الدساتير في الديمقراطيات المتطورة والمتقدمة في العالم الحديث.
بقلم : عصام الحناشي