تونس (رويترز) – بعد خمسة أسابيع من استحواذ رئيسهم على السلطة التنفيذية وبعد أسبوع من تمديد إجراءات استثنائية إلى إشعار أخر، يشعر كثيرون من التونسيين بالقلق من صمته إزاء أكبر أزمة في تاريخ الديمقراطية الناشئة.
وعلى الرغم من أن الرئيس قيس سعيد تحدث بانتظام حول قضايا تتراوح من أسعار البطاطا وصولا للفساد، إلا أنه لم يعين حتى الآن رئيس وزراء جديدا أو يوضح البرنامج السياسي والاقتصادي وكيفية الحكم في المرحلة المقبلة.
وقالت سميرة السالمي وهي بائعة ملابس في تونس « نحن لدينا ثقة كبيرة في الرئيس… هو أول سياسي يحصل على ثقة مماثلة من التونسيين لكن بصراحة تأخر برنامجه كثيرا… نريد إجابات سريعة على النظام السياسي على الاقتصاد والحكومة وغيرها من المسائل المهمة ».
وستحدد خطوات سعيد التالية ما إذا كان تدخله، الذي وصفه خصومه الإسلاميون بأنه انقلاب ولكنه يحظى على نطاق واسع بتأييد شعبي من التونسيين الذين سئموا من الشلل والانحدار الاقتصادي، سيعتبر في النهاية بمثابة إعادة ضبط ديمقراطية معتلة أو بوابة عودة إلى حكم الفرد.
ويُتوقع على نطاق واسع ان يقترح سعيد تعديلات دستورية مهمة تشمل تغيير النظام السياسي إلى نظام رئاسي من خلال استفتاء والدعوة إلى انتخابات جديدة بعد أن علق البرلمان.
وكان الدستور الحالي الذي تمت الموافقة عليه في عام 2014 في وقت متوتر من الاستقطاب بعد ثورة 2011 التي منحت البلد ديمقراطية، لا يحظى بشعبية منذ فترة طويلة. وقال معظم المرشحين في انتخابات 2019، بمن فيهم سعيد إنهم يريدون تعديله.
ومع ذلك لم يدل سعيد بأي تصريح علني حول شكل أي دستور جديد، وما إذا كان سيحل البرلمان المعلق الآن أو إلى متى يتوقع أن تستمر فترة الإجراءات الاستثنائية. لكن كثيرا من الإشارات توحي بأن سعيد جمد عمل البرلمان الحالي بشكل نهائي. فقد ردد سعيد عبارة « لا عودة إلى الوراء »، في إشارة إلى أن مرحلة ما قبل 25 يوليو تموز قد ولت وانتهت.
وتجاهل سعيد دعوات من أجل وضع « خارطة طريق » دعت إليها أحزاب محلية واتحاد الشغل ومقرضين أجانب. وقال ساخرا من هذه الدعوات « من يتحدثون عن خارطة طريق عليهم العودة إلى كتب الجغرافيا ».
وقال الأسبوع الماضي إن الحكومة « سيتم تعيينها قريبا ولكن الدولة مستمرة وماضية في تقديم خدمات للمواطنين ».
الخوف من المجهول
بينما أعربت الأحزاب السياسية والتونسيون العاديون والنقابات عن مخاوف من تأخره في الإعلان عن برنامج واضح، لا يبدو أحدهم مستعد لممارسة ضغط جماهيري على سعيد الذي يستند إلى دعم شعبي واسع.
ولا تحظى كل من الحكومة التي أطاح بها والبرلمان المُعلق بشعبية، في حين أن هجماته الصاخبة على الفساد وارتفاع الأسعار تحظى بتأييد شعبي، مما يجعل من الصعب على منتقديه معارضته فعليا رغم وصفهم لخطواته بأنها شعبوية.
وقال أحمد عبيد وهو موظف ببنك « الرئيس يواجه ضغوطا لا يمكن تخيلها… لقد بدأ حملة لتطهير الجهاز الإداري والأمني... إنه مهتم بالناس العاديين مثلنا ويعرف أننا نثق به لذلك هو يمضي قدما ».
ولا يرى الحزب الدستوري الحر الذي تقوده عبير موسي معنى لتحركات سعيد دون أن يضرب الإسلام السياسي ويستهدف منظمات تقول إنها مرتبطة بحركة الإخوان المسلمين. وأكدت عبير موسى أن الحزب سيحكم على أفعاله وبرنامجه لا أقواله.
وكان أكبر المنتقدين صراحة لسعيد هو حزب النهضة الإسلامي وهو الأكبر في البرلمان ومؤيد للحكومات الائتلافية المتعاقبة منذ الثورة.
وكان رده الفوري على تدخل سعيد هو تسميته بانقلاب لكنه تراجع منذ ذلك الحين عن خطابه، مشيرا إلى تحركاته بدلا من ذلك على أنها « خرق للدستور ». وفي غضون ذلك، أدت الأزمة إلى تسريع الخلافات داخل الحزب.