قال رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان المجمد راشد الغنوشي أن حركته “تلقت رسالة الشعب وأنها ستعلن نقدها الذاتي بكل شجاعة”، مشددا في الوقت نفسه على أن القنوات الإعلامية العربية التي “تشيطن” التجربة الديمقراطية التونسية مصيرها “الخيبة”.
وشدد الغنوشي في مقابلة خاصة مع الأناضول جرت عبر البريد الإلكتروني، على استعداد النهضة “للتضحية من أجل استكمال المسار الديموقراطي” كما أكد احترامه للوائح جزب الحركة وألمح إلى عزمه التخلي عن رياسة الحزب مع انتهاء دورتين رئاسيتين له نهاية العام الجاري.
وقال الغنوشي: “يكفي متابعة بعض القنوات العربية في تغطيتها للشأن التونسي والدأب على شيطنة ديمقراطيتها للتأكد من حجم التدخل من أجل إرباك – بل حتى التدمير- للربيع التونسي، و بإذن الله مصيرهم الخيبة”.
وأضاف: “اليوم مرّ أكثر من نصف الشهر على الإجراءات التي أعلنها الرئيس (قيس سعيّد)، الحقيقة أن الجميع مُجمِع على حالة الغموض وعدم وضوح الرؤية بالرغم من التطمينات التي أعلنت لا تزال تونس بلا حكومة ولم يتم الإعلان عن رئيسها ولا يزال البرلمان مغلقا”.
وأردف: “هناك اعتقالات في صفوف النواب وحجر للسفر على الجميع وتضييق شامل في مجال الحريات كل هذه الممارسات تذكر التونسيين بزمن سابق” متابعا “لا نعرف في التاريخ ديموقراطية حصلت ثورة عليها، قد تحصل انتكاسة محدودة في الزمن، ولكن سرعان ما تستعيد الديموقراطية قوتها وتصحح أخطاءها”.
واعتبر الغنوشي، أن “من يراهن على نهاية الديموقراطية في تونس أو إنهائها واهم”.
واعترف الغنوشي أن “هناك غضب من غياب المنجز الاقتصادي والاجتماعي للثورة، وغضب من سلوك العديد من السياسيين بمن فيهم إسلاميون، وذلك في تجربة ناشئة وفى نظام انتخابي هش وأزمة اقتصادية كبيرة عمقتها تداعيات الأزمة الصحية” مضيفا أن “كل ذلك أمر واقع ولكن لا يبرر التراجع عن الديمقراطية، قد نتكلم عن مظاهر فساد في الأنظمة الديموقراطية، ولكن بالمقارنة مع الفساد المطلق لأي نظام ديكتاتوري فهل رأيتم في التاريخ ديكتاتورية نظيفة؟”.
وبدا الغنوشي متفائلا وقال: “نحن على يقين بأن الديمقراطية قادرة على إصلاح ذاتها من داخلها وليس بالتخلص منها” .
وفسّر الغنوشي تفاؤله باستعادة الديمقراطية بأن “هناك مجتمع مدنى قوي في تونس ومنظمات فاعلة وطبقة سياسية واعية كل هؤلاء قد يختلفون هنا أو هناك ولكن تشبثهم بالحرية والديموقراطية لا تراجع عنه، ولذلك سيتجمعون غير بعيد من ـجل الدفاع عن الحرية و تجنيب تونس الانزلاق نحو الاستبداد”.
وأضاف: “رأينا النخب التونسية تتفرق في زمن الحرية وتتوحد في زمن الاستبداد وهو أمر مفهوم وواقعي، ولذلك سنرى أنواعا من الجهد المشترك وقد بدأ يظهر من كل هذه الفئات دفاع عن الديموقراطية التي لا يوجد خيار بديل عنها”.
وعن حجم الهبّة الشعبية ضد الحكومة يوم 25 جويلية ومساندة قرارات سعيّد علق بالقول “أما السند الشعبي (لإجراءات الرئيس) فهذا أمر يحتاج إلى توقف” متابعا “نعم هناك غضب لدى العديد من الفئات وفي مقدمتهم الشباب وهو أمر مفهوم نتيجة غياب منجز يرتقى الى طموحات وانتظارات أبناء شعبنا، ولكن هناك أيضا مبالغة في هذا الصدد وهذا جزء من الخطة المعلومة”.
وتفاعلا مع الغضب الشعبي قال الغنوشي: “في النهضة – وهو ما هو مطلوب من كل الطبقة السياسية- تلقينا رسالة شعبنا و بكل شجاعة سنعلن نقدنا الذاتي ويعلم الجميع أن حركتنا من أهم الأحزاب التي دأبت على هذا النقد الذاتي”.
وشدّد على أن “السياسي الذى لا ينصت لشعبه هو مكابر أو أصم، والنهضة تعلن وبكل تواضع أنها مفتوحة على المراجعة الجذرية إن اقتضى الأمر ذلك، ولكن تظل ثقتنا كبيرة بأن الشعب الذى أنجز ثورة الحرية والكرامة لن يتراجع على مساره التاريخي في تجذير الحرية والعدالة الاجتماعية”.