في تطور مفاجئ للازمة السياسية في تونس، أعلن رئيس الجمهورية قيس سعيد مساء الاحد 25 جويلية 2021، عن جملة من الإجراءات الاستثنائية سيتم اعتمادها على امتداد 30 يوما وذلك في إطار تطبيق الفصل 80 من الدستور و التي تعلقت أساسا بتجميد كل اختصاصات البرلمان واقالة رئيس الحكومة.
اجراءات دخلت على اثرها تونس في مرحلة استثنائية غير مسبوقة و تعددت المواقف منها و اختلفت ردود الفعل حولها، الا ان السؤال المطروح اليوم يتعلق بتطورات الأوضاع و السيناريوهات المطروحة خاصة بعد انقضاء الفترة المحددة بالدستور.
في هذا الاطار، اتصلت أفريكان مانجر ، بالديبلوماسي السابق و المحلل السياسي جلال الأخضر، الذي أفاد بان تونس أمام 3 سيناريوهات محتملة و مختلفة .
سيناريو سلبي
واعتبر المتحدث، أن السيناريو الأول سلبي و هو احتدام الصراع بين الأطراف السياسية وهو ما قد يساهم في تطور الصراع السياسي خاصة و أن عديد الأحزاب عبرت غن اختلافها مع تاويل رئيس الجمهورية للفصل 80 من الدستور.
وقد عبرت حركة النهضة عن رفضها القطعي لهذه الإجراءات و دعته في عديد المناسبات إلى التراجع عنها.
حلول ترقيعية
و يتمثل السيناريو الثاني المحتمل، وفق محدثنا في أن تلعب المنظمات الوطنية على غرار الاتحاد العام التونسي للشغل دورا في التوصل الى حلول ترقيعية و وقتية عبر إيجاد آليات جديدة تمكن من الخروج من الأزمة السياسية وذلك على الرغم من اهتزاز الثقة بين الفرقاء السياسين بعد هذه الإجراءات.
حلول جذرية
اما السيناريو الثالث المحتمل، يتمثل في التوصل إلى إقامة الجمهورية الثالثة من خلال آليات يتم تحديدها وفق ما تقتضيه المر حلة و قد يلعب فيها الشركاء الدوليين و المنظمات الوطنية دورا هاما.
وأشار الأخضر إلى أن هذا الحل عمليا سيكون الأفضل و الأصعب على حد السواء.
جدير بالذكر كذلك، أن عديد التساؤلات مطروحة اليوم، حول ما إذا سيعود البرلمان للعمل عقب انتهاء المهلة المحددة او انه سيتم التمديد في العمل بالإجراءات المتخذة.
في هذا الخصوص، أفادت أستاذة القانون الدستوري، فاتن المباركي، في تصريح لافريكان مانجر، انه عقب انتهاء المهلة التي تم الإعلان عنها و المحددة بشهر قد ندخل في مرحلة غير واضحة المعالم خاصة و ان إجراء استشارة المحكمة الدستورية في مسألة تمديد الإجراءات من عدمها يصبح جوهريا و ليس شكليا. و اعتبرت انه واقعيا الخيارات و الحلول ستكون سياسة بامتياز.
ويشار الى ان الجمعية التونسية للقانون الدستوري، أصدرت امس الاثنين، بيانا عبرت فيه عن ” انشغالها العميق لدخول الجمهورية التونسية في حالة استثناء، تمثل بطبيعتها وضعية دقيقة يمكن أن تفتح الباب على عدّة انحرافات”.
وأوضحت الجمعية، “أنّ لرئيس الجمهورية سلطة تقديرية مطلقة في تقييم الظروف التي تحتم اللجوء إلى حالة الاستثناء وتحديد التدابير التي تقتضيها في حدود ما يتطلبه تأمين عودة السير العادي لدواليب الدولة في أقرب الآجال”.
كما بينت أن قرار رئيس الجمهورية الذي أعلن عنه مساء الأحد الماضي والمتعلق بتجميد جميع اختصاصات مجلس نواب الشعب “لا يدخل ضمن التدابير الاستثنائية التي يمكن اتخاذها بناء على الفصل 80 من الدستور، وذلك لأنه ينص على بقاء المجلس في حالة انعقاد دائم طيلة هذه الفترة، الأمر الذي يتناقض مع تجميد اختصاصات”.
ولفتت الى انه في صورة انقضاء مدة 30 يوما، فإن “استمرار هذه الحالة الاستثنائية سيمكن رئيس الجمهورية من مواصلة احتكار جميع السلطات دون رقابة، الأمر الذي قد يدفع بالبلاد نحو المجهول”، في ظل عدم تركيز المحكمة الدستورية، حسب تعبيرها.
كما عبرت الجمعية التونسية للقانون الدستوري، عن “تخوفها من مخاطر تركيز جميع السلطات لدى رئيس الجمهورية”.
يذكر أن الفصل 80 من الدستور و الذي استند علية رئيس الدولة قيس سعيد ينص على أنه “لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها، يتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويعلن عن التدابير في بيان إلى الشعب”.
ويؤكد الفصل على أنه “يجب أن تهدف هذه التدابير إلى تأمين عودة السير العادي لدواليب الدولة في أقرب الآجال، ويُعتبر مجلس نواب الشعب في حالة انعقاد دائم طيلة هذه الفترة. وفي هذه الحالة لا يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس نواب الشعب كما لا يجوز تقديم لائحة لوم ضد الحكومة”.
ويشير إلى أنه وبعد “مضيّ ثلاثين يوما على سريان هذه التدابير، وفي كل وقت بعد ذلك، يعهد إلى المحكمة الدستورية بطلب من رئيس مجلس نواب الشعب أو ثلاثين من أعضائه البتُّ في استمرار الحالة الاستثنائية من عدمه.. وتصرح المحكمة بقرارها علانية في أجل أقصاه خمسة عشر يوما.. ويُنهى العمل بتلك التدابير بزوال أسبابها. ويوجه رئيس الجمهورية بيانا في ذلك إلى الشعب”.
المصدر: -افريكان مانجر