من كان يعتقد أن العالم بعد الكورونا سيكون أحسن حال فهو واهم. والدليل رجوع الحفلات في سكرة والحياة الصاخبة و مكبرات الصوت و موسيقى الفركة و عود الحطب. نفس الآغاني تسمعها في شطرانة واحد وتسمعها في شطرانة ثنين ونفسها في شطرانة ثلاثة ما فما حتى مراعات للفوارق الاجتماعية.
تكون غني أو تكون فقير, تكون طبيب جراح أو سائق تاكسي الجميع يحمل نفس الذوق الموسيقي في سكرة. شطرانة 1 هي معقل الشعب الإخواني. فيها أشهر صالة عروسات في سكرة، صالة الزيتونة وما أدراك, تفتح أبوابها من الساعة التاسعة ليلا وتبدى جحافل المتدينات تنزلن من السيارات الفحمة بالقفطان الأخضر والبرتقالي والأصفر يلمع لمعان الألومنيوم تخاف تحط عليه يدك تتجرح.
تبدأ عروساتهم بالمدائح و الأذكار: محمد يا حبيبي يغنيها هاك المغني الخنثاوي ـ لبناني يعيش في لندرة ـ إلي تموت عليه سمية الغنوشي ثم تأخذ بشوية بشوية المنحى المعروف “يا الشباني، دز على الخيلة, ثم يحمى وطيس المعركة و الووووواو واو ثم الصبابة ولو باندية ،التعليلة، ثم الناس لكل تروح”.
نفس الأغاني تسمعها في شطرانة 2 بالرغم إلى شطرانة إثنين معروفة بالطبقة الوسطى المزدهرة والإقامات الفاخرة و إلي يسميها عادة صاحب المشروع أو الباعث العقاري على إسم بناته أو زوجته أو أمه فهذه إقامة لميس و هذه إقامة آية و أخرى اسمها إقامة جلال و هي الإقامة الوحيدة التي سميت بإسم رجل ولكن عندما سألت من يكون جلال, قالو لي: جلال خو لمية.
شطرانة 3 هي معقل رأس المال المتوحش: فيلات فخمة، مسابح أولمبية، قازون لندني، وسيارات أنواع و أشكال. ولكن هم أيضا يقيمون حفلاتهم بنفس الأغاني مع مراعات فارق التوقيت مع شطرانة واحد. الحفلة توفى لربعة متاع الصباح على خاطر كل دورية تجي يلعجو عليها بدبوزة وسكي.
الوسكي أو الفتكى “قراي قوس” هي القاعدة في هذه الحفلات، حتى كي تحب كأس من النبيذ الأحمر أو الأبيض يسخرو منك و ودقوك بالسيف بكعبة وسكى. كل طاولة فيها دبوزة وسكي ونادرا تلقي المحجبات في هذه الحفلات. النساء لكل تقريبا لا يتحرجن في إضهار مفاتنهن عبر المينجوب و الديكولتي المبالغ فيه حتى تضهر البزولة في حجم “سمكة التونة العنيدة” و لا حرج في ذلك المهم أن يعطي الناس إنطباع أنهم في سعادة تامة.
في هذا لكل نبدى آنا في البركون نستنى وقتاش يوفى الشيباني و الووووواو واو و الصبابة و الباندية باش ندخل نرقد. في الأثناء تفوح رائحة البحيرة متاع قمرت بعد ما وصلت السخانة للخمسين وتوصلني ريحة كيما ريحة البرودو و أنا في قرارة نفسي نعرف إلي ماهوش برودو لأن سبخة قمرت هي مصب خريان جميع أحياء المنطقة الشمالية.
بقلم عصام العياري