ظننت أني أذكى إنسان في العالم عندما قررت يوم العيد الكبير أن أذهب إلى البحر وإلى شاطئ غار الملح بالذات و هو الشاطئ الذي لم تطأه قدمي منذ عشرين سنة و هو شاطئ الطفولة وشاطئ الجمال و الجبال و الغاب و الطيور المهاجرة. وصلت إلى غار الملح نلقي تونس كاملة تقريبا عملت نفس البرنامج.
مليار أو قل شليار من البشر فرو من خنقة المدينة و هربو جميعهم إلى البحر. لعنت نفسي و … بما يفي بالحاجة كي تهدأ أعصابي و نزلت للشاطئ.
من الوهلة الأولى فهمت أني لست في المكان المناسب ولا في الوقت المناسب. مقاهي بالملايين هذا كوبا كبانا والآخر فلوريدا و هذا فراتللو و فرجينيا و كالفرنيا وككو ريكو. الجميع تحول إلى مشاوي حلب. أكداس لحم تنتظر الشواء وملايين الأفواه تنتظر لحم.
وأنا جيت في ألعن مقهى في غار الملح تجمعن فيه هاك الصبية المكحمتة ، شعوراتهم كوب طاجين، قلال حياء، يتسفهون و يتعاركون ويعيطوا و يشربن في البيرة قدام الناس. جات ميني حافلة فيها عائلة من عمالنا بالخارج معاهم بنتهم ,طفلة محلاها فينو, و دقهم الرحمان و قعدو في بيت قصب قبالة الصبية إلي يهرجو.
واحد منهم يعمل عمرو خمسطاش سنة طولو زوز ميترو و راسو رأس جمل ,فناراتو طايحة تحت مفعول الكحول,خزرلها و عدا يدو على كرشو في حركة شبقية زعمة زعمة و تبسملها و قرص راس بزولتو بزوز صوابعو . فهمت إلي هو يغازل فيها فقلت في نفسي الحالة الوحيدة باش الطفلة الفينو تمشي مع كوب طاجين تطلع الطفلة من أتباع الزووفيليا وتهوى ممارسة الجنس مع الضباع؟
هزيت روحي و أنطلقت في إتجاه سيدي علي المكي في إتجاه جبل السرول الذي لم يبقى فيه شيئا. أصحاب الأمول العفنة بتواطئي من السلط البلدية الفاسدة إعطت رخصة بالكامل لهؤلاء باش يعبثوا بالجبل كيف ما حبو و إشتهاو. الكل يبني في الجبل الفيلات الفخمة و القصور إلي تذكرنا بعهد الطرابلسية و الماطرية ويمد قنوات الصرف الصحي ويرميها مباشرة في البحر غير عابئين بالمصطافين إلي قطعن عشرات الكيلومترات من الأحياء الفقيرة من المنيهلة و حي التحرير و حي التضامن و حي إبن خلدون باش يعومو في بحر نظيف أو هكذا ضنوا.
هذه الصورة القبيحة لمدينة جميلة مثل غار الملح هي صورة تجسد واقع تونس اليوم. وأنا لا أدعو هنا إلي هبة شعبية أو إحياء روح المواطنة أو شيئ من هذا القبيل. بالعكس أنا أدعو أن نتعامل مع الواقع كما هو. أنا نفكر بالضبط كيما النحات الياباني المشهور إلي عمل تمثال قضيب في حالة انتصاب في إحدى بلديات ضواحي العاصمة طوكيو إلي طلبت منو باش يعمل منحوتة تجسد الحاجة إلي تجمع سكان المدينة هذيكة.
عندما سألوه علاش عمل قضيب قال أنا أعمالي الفنية جميعها تعكس هواجس الناس و ما يعشقونه و لقد تأكد لي أن هذه المدينة بالذات لها ميولات جنسية غريبة و تحبذ صورة و شكل الذكر فقلت لمذا لا أنحت تمثال قضيب في وسط المدينة ليستمتع الجميع؟ و بالقياس مع مدينة غار الملح أنا أدعو إلي إزاحت تمثال الفلوكة في وسط المدينة و استبداله بمنحوتة لمبني بلدية غار الملح و قد وقف عليها رجل أعمال فاسد مخرج قضيبو مالسروال و هو بصدد التبول علي البلدية و قوانينها ونظام الشريط الساحلي و الغبات ونظام الصرف الصحي… عند ساقيه شعار نظام حرية عدالة و قد غرق بالكامل في البول
كتبه عصام العياري